August 27, 2009

(2) أناقش القلم


عدت لمكان اللقاء الأول و قلبي يتلهف إلى أن يُسعدَ قلبها علها تسترجع ابتسامتها و نتسامر متناسين رياح الليل القارص و أشعة النجوم المشتعلة غيرةً منها.

كاسراً لقوانين الطبيعة و عهوده التي قطعها على نفسه و أمام مشهدٍ من صغار النجوم المتلألأ انحنى مقترباً من نافذتها المفتوحة. أظلّم الليل على أصغر المخلوقات و تسائل الجميع مالذي يحدث؟ أين يا ترى اختفى القمر في ليلة صافيةٍ كهذه؟


"أيعقل هذا؟ خصلاتها المبعثرة مازالت تغطي مابقي من وجهها الشاحب المختبئ بين ثنيات الشراشف المتجمدة حول ملامح وجهها."

أطال تأمله بمنظرها المحزن في صمتٍ ثم واصل يتمتم " كيف لي أن ألون هذه الصورة لتصبح قربية من الحقيقة. أيعقل أن يلبث جسدٌ كما فارقتُهُ الأمس، ساكناً ، هائماً بين شراشف من ثلوج قد نسيه الشتاء!"

كليلة من الخيال طغاها السواد، فقدت ملامح الجمال المخملي الذي لطالما عبرت عنه بزينة من اللؤلؤ المتألق تحت انعكاساتٍ من ضوء القمر البهي الذي اختفى في هذه الليلة. جلس في سكون غريب مفترشاً نافذتها راثياً حالها إلى أن نهضت ناشرةً عبيرا من الحياة في أرجاء المكان معلنةً خروجها من سباتٍ عميق.


"هل أطلت الانتظار عند نافذتي؟ لِمَ لمْ توقظني؟!"

أجابها القمر فرحاً "لم أشأ أن أزعجكِ!" ثم أكمل متردداٌ " كما... كما أنني لم أعلم بمَ أناديكِ و أنا أجهل ما هو أسمكِ!"


"وكيف لك أن تزعجني و أنت تعلم أنني استمتع بمجرد أن أراقبك في أصفى الليالي و اليوم أنت في مقربٍ مني و أصبحت ضيفا عندي!"


عاد للقمر زهوه و انتشر نوره مرة أخرى ليرسم حدوداً لكواكب السماء النائمة و ينير عوالمها. غمرَ قلبه الفرح لرؤيتها تتألق إثرَ لقائهما. ولكنه مازال يجهل اسمها رغم تنبيهه لها!


"ألا تمتلكين اسماً ؟"


بدأ ضوء القمر المشع يخفت مع مرور الزمن ليظلّم الليل معلناً حزنه.

نظرت إليه مبتسمة، ليس بشفاهها بل بقلبها و لكن هنالك شيءٌ يسيطر على شفاهها ولكأنما اختارت تلك الصغيرة أن تخفيَ ابتسامتها في مأمنٍ من الناظر. جلسا دون حراك طوال تلك الليلة، هي تبتسم مراقبةً زائرها الحائر وهو يغوص في عالمٍ من نسج مشاعرها الخفية.


"ألن تخبرينني ماهو اسمكِ؟" سأل مستيقظاً من حلم اليقظة "لا." هذا كان ردها ببساطة غير مكثرثةٍ بحيرته بل غارقةٍ في عالم من نسجها. " يجب أن أعود إلى النوم." غادرته تاركةً إياه في ضياعٍ تام بين خصـلاتٍ و ظلامٍ و سكون.



2 comments:

  1. اللغة والسرد والصورة والحوار
    كان كل هذا في غاية الجمال
    كاني أمام لغة مسرحية
    ننتظر المزيد يا صديقة

    ReplyDelete
  2. =) لي شرف أستحسانك لمحاولتي
    لإنشاء الله أكمل السلسلة قريباً
    شكرا على مرورك أخي العزيز

    ReplyDelete